تحليلات رياضية

أزمة خصم النقاط في الدوري المصري: استثناء قانوني أم ازدواجية في تطبيق اللوائح؟

أزمة خصم النقاط في الدوري المصري:

تحقيق تحليلي – فريق فوكس عربى.

في قلب الدوري المصري الممتاز، اندلع جدل واسع أعاد إلى السطح أسئلة مؤجلة عن العدالة الكروية وتساوي الأندية أمام القوانين. قرار رابطة الأندية المصرية بعدم خصم ثلاث نقاط من النادي الأهلي عقب تغيّبه عن مباراة القمة أمام الزمالك، رغم أن اللائحة تنص على هذه العقوبة، أثار موجة استياء بين جماهير الكرة، لا سيما بعدما طُبّق نفس النص سابقًا على نادي الزمالك في موقف مشابه.

فهل ما حدث يعد تطبيقًا استثنائيًا لظرف طارئ؟ أم أن هناك بالفعل ازدواجية في المعايير تفتح أبواب التأويل والريبة؟

الحدث: تغيّب الأهلي دون عقوبة خصم النقاط

في افتتاح المرحلة النهائية من موسم 2024-2025، غاب النادي الأهلي عن لقاء القمة أمام غريمه الزمالك، مما دفع لجنة المسابقات لتطبيق المادة (4.17) من اللائحة، التي تنص على احتساب الزمالك فائزًا بنتيجة 3-0. إلا أن المادة (8.17)، التي تُقرّ بخصم ثلاث نقاط من الفريق المنسحب، لم تُفعّل في هذه الحالة.

هذا التناقض أثار علامات استفهام، لا سيما وأن الحالة مشابهة لما جرى مع الزمالك سابقًا، حينما تم تغييبه عن مباراة قمة وتم خصم النقاط منه بشكل فوري دون استثناءات.

الاستثناء المُثير: قوة قاهرة أم اجتهاد قانوني؟

بررت رابطة الأندية قرارها باللجوء إلى بند (63/2) من لائحة المسابقة، الذي يخولها اتخاذ قرارات “نهائية وغير قابلة للطعن” في حال حدوث ظروف قهرية. وقد اعتبرت الرابطة أن تأخر الجدول، والضغط الزمني، ورفض استقدام حكام أجانب بناءً على طلب الأهلي، كلها شكلت حالة من القوة القاهرة التي برّرت موقف الأحمر.

لكن هذا التفسير لم يقنع العديد من المتابعين، الذين رأوا فيه تبريرًا استثنائيًا موجهًا، بدلاً من كونه تطبيقًا صريحًا للقانون.

غضب جماهيري واسع: عدالة بمكيالين؟

رصدت ردود الفعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي حالة من السخط الشعبي، تمثلت في تعليقات غاضبة وساخرة، تعكس فقدان الثقة في مؤسسات إدارة اللعبة. تكررت جملة “خصم النقاط حلال على الزمالك وحرام على الأهلي” في منشورات عديدة، وكأن الرأي العام بات مقتنعًا بأن القوانين تُفصّل بحسب اسم النادي لا بحسب المخالفة.

تعليقات مختارة من الجماهير:

رد فعل الأندية: تصعيد قانوني مرتقب

نادي الزمالك لم يقف مكتوف الأيدي، بل وصف القرار بـ”العبثي”، ملمحًا إلى احتمالية التوجه لتصعيد قانوني سواء داخليًا أو دوليًا. بيراميدز هو الآخر طرح تساؤلات مشروعة حول المعايير التي تُبنى عليها قرارات الرابطة، مطالبًا بتوضيحات صريحة حول “القوة القاهرة” التي تم الاستناد إليها.

الزاوية القانونية: هل القوة القاهرة تبرر التمييز؟

من الناحية القانونية، يُعد بند “القوة القاهرة” أحد المفاتيح التي تتيح للمؤسسات اتخاذ قرارات مرنة في الظروف الطارئة. إلا أن المشكلة تكمن في “اتساع تأويل” هذا المفهوم، ما يجعله بوابة خلفية تفتح المجال لتطبيق انتقائي للقوانين. والسؤال الحاسم: هل كان سيتم منح نفس الاستثناء لنادٍ آخر بحجم جماهيري أقل؟ وهل ما حدث مع الزمالك سابقًا لا يرقى لاعتباره ظرفًا مشابهًا؟

مفارقة واضحة: لوائح تُطبّق على البعض وتُستثنى للبعض الآخر؟

الشارع الكروي يرى أن ما جرى ليس استثناءً قانونيًا، بل انحرافًا عن مبدأ المساواة. وبهذا، تتحول اللوائح من أدوات تنظيمية إلى أدوات مرنة بيد صانع القرار، تُفصّل بحسب الحاجة. وهذا ما يضع “مصداقية الدوري المصري” على المحك.

العدالة الرياضية تحت الاختبار

تجاوزت الأزمة مجرد نتيجة مباراة. إنها اختبار حقيقي لمدى نزاهة المؤسسات الرياضية في مصر. غياب الحياد في تطبيق القوانين يهدد البنية الأخلاقية للمنافسة، ويضع اللاعبين والجماهير والأندية في حالة قلق دائم من مستقبل اللعبة.

درس تعليمي: ما المقصود بـ”القوة القاهرة” في القانون الرياضي؟

تعريف: القوة القاهرة هي حدث غير متوقع ولا يمكن تفاديه، يمنع أحد الأطراف من تنفيذ التزاماته القانونية أو التعاقدية، مثل الكوارث الطبيعية أو الظروف الأمنية أو القرارات السياسية الطارئة.

أمثلة في الرياضة:

إلغاء مباريات بسبب زلازل أو فيضانات.

توقف بطولات بسبب قرارات حكومية أو أمنية.

تطبيقها في اللوائح الرياضية: تتيح بعض اللوائح (مثل بند 63/2 في لائحة الدوري المصري) للجهات المنظمة اتخاذ قرارات استثنائية إذا ثبت أن الظرف قهري، لكن يجب أن يُبرر هذا الاستثناء بشفافية، ويُطبق بشكل متساوٍ على جميع الأندية.

الإشكال القانوني: عندما يُستخدم هذا البند بدون توضيحات كافية، يصبح أداة مرنة تفتح باب “التمييز”، وتُهدد عدالة المنافسة.

الأسئلة الشائعة

1. لماذا لم تُخصم النقاط من الأهلي رغم انسحابه؟
لأن الرابطة اعتبرت ما حدث ظرفًا قهريًا، واستندت إلى بند 63/2 الذي يتيح لها اتخاذ قرارات استثنائية.

2. هل تم تطبيق نفس البند مع الزمالك سابقًا؟
لا، في حالة الزمالك تم تطبيق اللائحة بشكل صارم دون أي استثناءات.

3. ما الفرق بين “الانسحاب” و”الغياب بسبب القوة القاهرة”؟
الانسحاب قرار إرادي، أما القوة القاهرة فهي ظرف خارج عن الإرادة يبرر الغياب.

4. هل يمكن الطعن في قرار الرابطة قانونيًا؟
نظريًا لا، لأن بند 63/2 يُعطي للرابطة صلاحية اتخاذ قرارات نهائية، لكن يمكن للأندية التصعيد للاتحاد الدولي إذا تم إثبات غياب العدالة.

5. كيف تؤثر هذه القرارات على مستقبل الدوري؟
تُضعف ثقة الجماهير في نزاهة المنافسة، وتؤثر سلبًا على صورة الدوري المصري محليًا ودوليًا.

توصيات ونصائح

1. إنشاء لجنة مستقلة للتحكيم الكروي: لتكون جهة حيادية تفصل في الأزمات بعيدًا عن تأثيرات الجماهير أو الضغوط الإدارية.

2. مراجعة بنود القوة القاهرة: وضبطها قانونيًا بشروط دقيقة تمنع التأويل المفتوح.

3. ضمان الشفافية: إصدار بيانات تفصيلية عند تطبيق استثناءات، تشمل شرح المعايير والمبررات.

4. إرساء مبدأ المساواة: لا بد من تطبيق اللوائح على الجميع بنفس المعايير دون النظر لحجم أو شعبية النادي.

5. إشراك الإعلام الرياضي في الرقابة: لتعزيز الشفافية عبر تغطية موضوعية وتحقيقات مستقلة.

التوقعات المستقبلية

من المتوقع أن تدخل الأزمة مرحلة تصعيد قانوني إذا ما قررت الأندية المتضررة اللجوء إلى اتحاد الكرة أو حتى المحكمة الرياضية الدولية. كما قد تفرض هذه الأزمة على رابطة الأندية إعادة النظر في بعض البنود التنظيمية لضمان نزاهة المنافسات المقبلة. على المدى البعيد، سيتوقف مصير الثقة في الدوري المصري على مدى الالتزام بتطبيق اللوائح دون استثناءات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى