اختيارات المحررين

الميراث الرقمي: مفهومه، وتفسيره قانونيًا وشريعةً

الميراث الرقمي

المقدمة:
في عصرٍ أصبح فيه كل شيء تحت إمرة التكنولوجيا، بدأ مفهوم “الميراث الرقمي” يطفو على السطح كأحد المواضيع الحاسمة التي تستحق الاهتمام والتفكير العميق. إذ يرتبط هذا المفهوم بكل ما يمكن أن يورث من أصول غير مادية أو رقمية قد تخلفها الأفراد بعد وفاتهم. ولعلَّ الميراث الرقمي، رغم حداثته، يطرح العديد من التساؤلات القانونية والشريعة، مما يفتح بابًا جديدًا من النقاش حول حقوق الأفراد وواجباتهم في العصر الرقمي.

المعنى اللغوي للميراث الرقمي:

لغةً، نجد أن كلمة “الميراث” مشتقة من الجذر العربي “وَرَثَ” الذي يعني “انتقل شيء من شخص إلى آخر بعد وفاته”. وتطبيقيًا، عندما نربط هذه الكلمة بالمفهوم الرقمي، فإن الميراث الرقمي يُقصد به ذلك الانتقال للأصول الرقمية التي كانت مملوكة للشخص المتوفى، كالحسابات على الإنترنت، البيانات المخزنة، الأصول الافتراضية مثل العملات المشفرة أو الملكيات الرقمية.
وقد وردت كلمة “ميراث” في معاجم اللغة العربية، ومنها “لسان العرب” و”القاموس المحيط” اللذان يحددان الميراث بصفته انتقالًا للمال أو الملكية بعد وفاة مالكه إلى الورثة الشرعيين، ولكن مع العصر الرقمي، أضاف المعنى بعدًا آخر يتعلق بنقل الحقوق والملكية الرقمية.

التعريف القانوني للميراث الرقمي:

قانونيًا، تطرقت العديد من التشريعات إلى مفهوم “الميراث الرقمي”، فبينما كانت القوانين التقليدية تستند فقط إلى الملكية المادية، نجد أن العصر الرقمي قد أضاف بعدًا جديدًا لهذا الفهم.
في التشريع الفرنسي، نصَّ المشرع في بعض جوانب قانون الملكية الشخصية على الأصول الرقمية وحمايتها، حيث أجاز للورثة الاستفادة من الحسابات الشخصية بعد موافقة المتوفى المبدئية (كما في قانون الأمان الرقمي الفرنسي الذي أُقرّ عام 2016). أما في التشريعات المصرية، فإنه لم يتم تناول هذا الموضوع بصورة مباشرة في قوانين الميراث العادية، ولكن هناك نصوص قانونية يمكن توظيفها بما يخص الملكية الرقمية. بينما في القوانين الأنغلو-أمريكية، مثل القوانين الأمريكية والكندية، يُعدُّ الميراث الرقمي موضوعًا حساسًا ويتطلب تشريعات دقيقة.
في الولايات المتحدة، مثلًا، تم تطوير تشريعات معينة لحماية البيانات الشخصية وحسابات الإنترنت بعد وفاة الشخص. كما تجدر الإشارة إلى أن في أستراليا، على سبيل المثال، لا يوجد إطار قانوني موحد للميراث الرقمي، ولكن يتم التعامل مع هذه المسائل عبر تشريعات خاصة بالملكية الرقمية والحقوق المتعلقة بها.
الميراث الرقمي، أو “Digital Inheritance” بالإنجليزية و”héritage numérique” بالفرنسية، يشير إلى الأصول الرقمية التي يتركها الشخص بعد وفاته، مثل الحسابات الإلكترونية، والملفات الرقمية، والمحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي.

التعريف القضائي للميراث الرقمي:

يُعرف الميراث الرقمي على أنه المآل القانوني للأصول والحسابات الرقمية للشخص بعد وفاته، أو في حال إصابته بعارض بدني أو عقلي يمنعه من استخدام حساباته وتطبيقاته الإلكترونية. يتعلق ذلك بما إذا كانت هذه الأصول والحسابات تنتقل إلى الورثة، أو تُلغى من قبل مزودي الخدمات الرقمية، أو يُسمح للورثة أو لأشخاص أو جهات معينة بالوصول إليها وإدارتها مع إبقائها كما هي أو بعد تعطيل بعض خصائصها، أو استنساخ  محتوياتها قبل الغائها.
حكم قضائي عرف الميراث الرقمي:**
في الولايات المتحدة، وتحديدًا في ولاية ويسكونسن، صدر حكم قضائي في عام 2014 في قضية “In re: Estate of Megan Meier” حيث تم الاعتراف بحق الورثة في الوصول إلى الحسابات الرقمية للمتوفى. في هذه القضية، تم السماح للوالدين بالوصول إلى حسابات ابنتهم على وسائل التواصل الاجتماعي بعد وفاتها، مما ساهم في تحديد سابقة قانونية بشأن الميراث الرقمي.
تُظهر هذه القضية أهمية تحديد حقوق الورثة في الوصول إلى الأصول الرقمية، وتبرز الحاجة إلى تشريعات واضحة تنظم هذا المجال لضمان حماية حقوق الأفراد بعد وفاتهم.
**الحماية الجنائية للميراث الرقمي: نظرة مقارنة بين القوانين الحديثة والشريعة الإسلامية**

الحماية الجنائية للميراث الرقمي في القانون المصري

تسير الحماية الجنائية للميراث الرقمي في إطار القانون المصري وفقًا للمبادئ القانونية الحديثة التي تستجيب لتطورات العصر الرقمي. فقد استحدثت العديد من التشريعات لتوفير الحماية للأفراد ضد الاعتداءات الرقمية، إلا أن الميراث الرقمي ظل مجالًا غير محدد بدقة في التشريع المصري. في هذا السياق، يظهر فجوة قانونية تجعل الميراث الرقمي عرضة للعديد من الجرائم مثل التلاعب بالحسابات الشخصية أو التوريث غير المشروع للبيانات. وبالتالي، يبقى القضاء المصري بحاجة إلى تعزيز التشريعات المتعلقة بميراث البيانات الرقمية، إذ لم يتم النص على كيفية انتقال الحقوق الرقمية لأفراد الأسرة في حال وفاة صاحب الحسابات الرقمية، مما يترتب عليه تعديات قانونية يتعين تصحيحها.

 الحماية الجنائية في القانون الفرنسي

على صعيد القانون الفرنسي، لم تخلُ هذه المنظومة القانونية من إقرار حقوق الأفراد الرقمية في سياق الميراث. ففي العام 2016، أقر البرلمان الفرنسي قانونًا ينص على أن الأشخاص المخول لهم بموجب التوكيلات القانونية قادرون على إدارة الحسابات الرقمية للمورث بعد وفاته. يتيح هذا التشريع للورثة، على سبيل المثال، الاطلاع على الرسائل الإلكترونية أو إدارة الحسابات البنكية الرقمية في حال وفاة الشخص المورث. ورغم أن القانون الفرنسي قد أضاف بعدًا حقوقيًا للميراث الرقمي، إلا أن هناك تحديات في التعامل مع الميراث الرقمي الذي يحتوي على بيانات حساسة، مما يطرح تساؤلات حول مدى قدرة التشريع الفرنسي على ضمان حماية هذه الحقوق من الاستغلال.

 التشريعات الإنجلو-أمريكية في مواجهة الميراث الرقمي

أما في الأنظمة القانونية المرتبطة بالإنجلوسكسونية، فيبدو أن هناك تطورًا أسرع في هذا المجال. فقد أصدرت العديد من الولايات المتحدة تشريعات تأخذ في اعتبارها الميراث الرقمي من خلال قوانين متخصصة مثل قانون “الحسابات الرقمية بعد الوفاة” الذي يسمح للورثة بالوصول إلى حسابات الإنترنت الخاصة بالمورث مثل حسابات التواصل الاجتماعي أو الخدمات المالية الرقمية. إن هذه الأنظمة لا تقتصر على تقديم حماية لحقوق الورثة فقط، بل تهدف أيضًا إلى منع سوء استخدام هذه الحسابات بعد الوفاة، وهو ما يضفي طابعًا حقوقيًا دقيقًا يمكن محاكاته في العديد من النظم القانونية.

 الميراث الرقمي في الشريعة الإسلامية

وفي الشريعة الإسلامية، يتسم الميراث بكونه أحد أركان الحقوق المالية التي تتحدد وفقًا لآيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة. ويقتصر الميراث، طبقًا للكتاب والسنة، على الأموال المملوكة شخصيًا للمتوفى والتي يمكن نقل ملكيتها إلى الورثة الشرعيين. فيقول الله تعالى في كتابه الكريم: “يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۚ لِذَكَرٍ مِّثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ” (النساء: 11)، حيث يتم تحديد نصيب كل وارث بناءً على القرابة والنسب.
أما في الحديث النبوي الشريف، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لَا وَرَثَةَ فِي إِيمَانٍ”، ما يشير إلى أن مسألة الميراث تخص ورثة الشخص الميت دون سواهم. لذلك، فإنه من الناحية الشرعية، يظل الميراث الرقمي، في حال تبنيه من الأفراد في الفقه الإسلامي، مسألة لا يمكن تقنينها بشكل دقيق دون دراسة كيفية تطبيق هذا النوع من الحقوق في إطار فقه المواريث.
 معالجة الميراث الرقمي في الشريعة الاسلامية تثير العديد من الأسئلة الفقهية. فالشريعة، التي تحكم على ما هو ملموس، لا يمكنها أن تواكب تطورات العصر الرقمي بشكل مباشر. ولكن من خلال المفاهيم الكبرى مثل “المال” و”الحقوق” و”الوصية”، يمكن اعتبار الميراث الرقمي جزءًا من الميراث المشروع، وبالتالي يمكن للورثة أن يتعاملوا معه على أساس القواعد الشرعية في توزيع التركة وفقًا لمبدأ العدالة والتوزيع المتساوي. هذا التحليل يتطلب إمعان النظر في الفقه المعاصر لإيجاد حلول شرعية للميراث الرقمي، حيث يُنظر إلى الحقوق الرقمية باعتبارها مكونًا من مكونات التركة، ما يعني ضرورة وجود تطوير تشريعي وفقًا للمتغيرات العصرية.
إذن، فإن الميراث الرقمي يشكل تحديًا قانونيًا من نوع جديد، يستدعي مواءمة التشريعات الجنائية مع التحولات التكنولوجية السريعة. وفي الوقت الذي تشهد فيه الأنظمة القانونية الغربية تطورات ملموسة في هذا المجال، يبقى القانون المصري بحاجة إلى تسريع وتيرة تحديث تشريعاته لتشمل الميراث الرقمي. أما في الشريعة الإسلامية، فإن الأمر يتطلب مزيدًا من الفقه والدراسة لتطوير آليات فقهية تتماشى مع هذه الظاهرة الجديدة، وفي الوقت ذاته تحفظ العدالة والتوازن بين الحقوق.
الحماية المدنية للميراث الرقمي
تُعَدُّ الحماية المدنية للميراث الرقمي من المواضيع الحديثة التي تثير اهتمامًا متزايدًا في ظل التطور التكنولوجي السريع. يشمل الميراث الرقمي الأصول الرقمية التي يمتلكها الأفراد، مثل الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، والبريد الإلكتروني، والمحتوى الرقمي المخزن على الأجهزة الإلكترونية. تتطلب هذه الأصول معالجة قانونية خاصة لضمان حقوق الورثة وحماية خصوصية المتوفى.

الميراث الرقمي في القانون المصري:

لا يتضمن القانون المدني المصري نصوصًا صريحة تتعلق بالميراث الرقمي. ومع ذلك، يمكن تطبيق المبادئ العامة للميراث على الأصول الرقمية. يُعتبر الميراث الرقمي جزءًا من التركة التي يتم توزيعها وفقًا لأحكام الميراث في الشريعة الإسلامية، ما لم يكن هناك نص قانوني مخالف. يجب على الورثة احترام خصوصية المتوفى، خاصة فيما يتعلق بالحسابات الشخصية والمحتوى الخاص.

الميراث الرقمي في القانون الفرنسي:

في فرنسا، أُدرجت الأصول الرقمية في إطار الميراث بموجب قانون 2016-1321 الصادر في 7 أكتوبر 2016. ينص هذا القانون على أن الورثة يمكنهم الوصول إلى الحسابات الرقمية للمتوفى، ولكن يجب عليهم احترام رغبات المتوفى إذا كانت محددة مسبقًا. إذا لم تكن هناك تعليمات واضحة، يُسمح للورثة بالوصول إلى الحسابات وفقًا لأحكام الميراث.

الميراث الرقمي في التشريعات الأنغلو-أمريكية:

في الولايات المتحدة، تختلف قوانين الميراث الرقمي من ولاية إلى أخرى. تسمح بعض الولايات للورثة بالوصول إلى الحسابات الرقمية للمتوفى، بينما تفرض ولايات أخرى قيودًا على ذلك. على سبيل المثال، في ولاية كاليفورنيا، يُسمح للورثة بالوصول إلى الحسابات الرقمية إذا كان المتوفى قد منحهم إذنًا صريحًا.

أحكام محكمة النقض الفرنسية:

أصدرت محكمة النقض الفرنسية عدة أحكام تتعلق بالميراث الرقمي. في قضية “فرانسوا ميتران” (François Mitterrand)، قضت المحكمة بعدم الاعتراف بحق الورثة في الوصول إلى الحسابات الرقمية للمتوفى، نظرًا لعدم وجود نص قانوني يخولهم بذلك. ومع ذلك، في قضايا أخرى، سمحت المحكمة للورثة بالوصول إلى الحسابات الرقمية إذا كانت هناك رغبة صريحة من المتوفى بذلك.

التحديات القانونية:

يواجه الميراث الرقمي تحديات قانونية متعددة، منها:
الخصوصية: يجب ضمان احترام خصوصية المتوفى وعدم انتهاكها من قبل الورثة أو الأطراف الأخرى.
التشريعات المتباينة: تختلف القوانين المتعلقة بالميراث الرقمي بين الدول، مما يخلق صعوبة في تحديد الحقوق والواجبات.
التكنولوجيا المتطورة: تتطور التكنولوجيا بسرعة، مما يجعل من الصعب مواكبة التشريعات للتغيرات المستمرة
التوصيات:
نظرًا لأهمية الميراث الرقمي، يُنصح بما يلي:
تحديث التشريعات: ضرورة تحديث القوانين لتشمل الأصول الرقمية وتحديد حقوق الورثة بوضوح.
التوعية: زيادة الوعي بين الأفراد حول أهمية تنظيم الميراث الرقمي من خلال إعداد وصايا رقمية.
التعاون الدولي: تعزيز التعاون بين الدول لتوحيد التشريعات المتعلقة بالميراث الرقمي وتسهيل الإجراءات عبر الحدود.
*التحديات المستقبلية والختام:*
إنَّ الميراث الرقمي، في الواقع، يمثل تحديًا جديدًا يواجهه المشرّعون والمفكرون من جميع أنحاء العالم، سواء في الشريعة الإسلامية أو في التشريعات الغربية. فالقوانين السارية اليوم ما تزال قاصرة عن استيعاب حقوق الملكية الرقمية بشكل كامل ووافي، مما يضع عبئًا على المجتمعات القانونية لوضع إطار تشريعي يتماشى مع متطلبات العصر الرقمي.
ولعلّ هذه الدعوة تُوجّه للمشرّعين والمفكرين الإسلاميين لدراسة الموضوع بعمق وتقديم حلول تتفق مع متطلبات العصر ولا تخل بقيم الشريعة وأحكامها. إنَّ المستقبل ينتظر تحولات كبيرة في مجال حقوق الأفراد الرقمية، لتظل المسألة في حاجة إلى المزيد من الفقه والدراسة التشريعية.
**توصيات المشرع المصري بشأن الميراث الرقمي:**
في ظل الثورة التكنولوجية والتحولات الرقمية التي يشهدها العالم، يجب على المشرع المصري التدخل لضبط الأطر القانونية التي تحكم الميراث الرقمي، سواء من الناحية المدنية أو الجنائية. وفي هذا الإطار، نقدم توصيات قوية للمشرع المصري، تستند إلى الحاجة الملحة لحماية الأفراد وحقوقهم في هذا المجال.
أولاً: التوصيات من ناحية الشق المدني:
1. تعريف الميراث الرقمي:
   يجب على المشرع المصري أن يقدم تعريفًا دقيقًا للميراث الرقمي في القانون المدني، يشمل جميع الأصول الرقمية التي يمتلكها المتوفى، مثل الحسابات الإلكترونية، البيانات المخزنة في السحابة، الممتلكات الرقمية، وبرامج الكمبيوتر. هذا التعريف يضمن تغطية كل الأبعاد الرقمية التي يمكن أن تدخل في التركة.
2.إضافة نصوص قانونية صريحة للميراث الرقمي:
   يجب تعديل قانون الميراث المصري ليشمل الأصول الرقمية ضمن التركة التي يتم توزيعها بين الورثة، على غرار الأصول المادية. هذه النصوص ينبغي أن توضح كيفية توزيع الحسابات الرقمية والمعلومات الشخصية للمورث.
3. تحديد صلاحيات الورثة في الوصول إلى الحسابات الرقمية:
   يجب على المشرع وضع تشريع ينظم صلاحيات الورثة في الوصول إلى الحسابات الرقمية للمتوفى. يُفترض أن يكون للورثة الحق في الوصول إلى هذه الحسابات إذا لم يكن هناك مانع صريح في الوصية الرقمية أو بموجب توجيه قانوني.
4. الوصايا الرقمية:
   يجب أن يعترف القانون المصري بما يعرف بـ “الوصايا الرقمية”، ويشترط إضافة ذلك كأداة قانونية يتم من خلالها تحديد رغبات المتوفى بشأن كيفية التعامل مع حساباته الإلكترونية وأصوله الرقمية بعد وفاته.
5. ضمان حماية البيانات الشخصية:
   ينبغي أن يتضمن التشريع المدني نصوصًا تشدد على حماية البيانات الشخصية للمتوفى وضمان عدم انتهاك خصوصيته من قبل الورثة أو أي طرف آخر، وذلك من خلال وضع ضوابط دقيقة تضمن الحفاظ على سرية البيانات
6. التوثيق الرقمي للتركة:
   ينبغي فرض التوثيق الرقمي للميراث، بحيث يتم اعتماد سجل رقمي للتركة يحتوي على تفاصيل دقيقة عن الأصول الرقمية التي تخص المتوفى، لضمان توزيعها بطريقة منصفة ومنظمة.
7. التعاون مع مزودي الخدمة الرقمية:
   يجب على المشرع المصري فرض التزام على مزودي الخدمات الرقمية (مثل شركات الإنترنت، منصات التواصل الاجتماعي، والشركات التقنية) بتوفير وسيلة قانونية للورثة للوصول إلى حسابات المتوفى الرقمية في حال طلبهم ذلك.
8. الرقابة على تصرفات الورثة:
   على المشرع إدخال آلية رقابة على تصرفات الورثة تجاه الحسابات الرقمية للمتوفى، لمنع أي استخدام غير قانوني أو تجاوز للحقوق الشخصية.
9. إجراءات توثيق الهوية الرقمية:
   ينبغي على القانون المصري تنظيم كيفية توثيق الهوية الرقمية للمتوفى، بحيث يمكن للورثة التقدم بطلبات قانونية لإثبات هويتهم الرقمية والوصول إلى الحسابات والبيانات الشخصية.
10. توفير تعليمات للميراث الرقمي في الوصايا العامة:
   يُوصى بتعديل التشريعات الخاصة بالوصايا لتشمل تعليمات محددة بشأن الأصول الرقمية ضمن الوصية العامة. ينبغي أن يُسمح للأفراد بتحديد كيفية توزيع حساباتهم الرقمية وما إذا كان سيتم إغلاق الحسابات أم لا.

ثانيًا: التوصيات من ناحية الشق الجنائي:

1. تجريم التلاعب بالميراث الرقمي:
   يجب أن يُدرج في القانون الجنائي تجريم التلاعب أو التعديل في الحسابات الرقمية للمتوفى من قبل الورثة أو أي شخص آخر، بحيث يُعتبر أي تغيير غير قانوني في هذه الحسابات جريمة جنائية.
2. إغلاق الحسابات الرقمية غير القانونية:
   يُوصى بوضع قوانين تتيح للسلطات المختصة إغلاق الحسابات الرقمية المتورطة في التلاعب بمحتويات التركة الرقمية، وذلك للحفاظ على حقوق الورثة الشرعيين.
3. تعزيز العقوبات ضد الاستخدام غير المشروع للمعلومات الرقمية:
   يجب زيادة العقوبات ضد أولئك الذين يقومون باستخدام المعلومات الرقمية المتاحة لهم من خلال الوصول غير القانوني إلى حسابات المتوفى لتحقيق مكاسب شخصية أو مالية.
4. العقوبات للتهديد بالكشف عن معلومات رقمية:
   يُنصح بإدراج عقوبات مشددة لمن يهدد بالكشف عن معلومات رقمية خاصة بالمتوفى بهدف الابتزاز أو الضغط على الورثة.
5. تعزيز قوانين حماية الخصوصية الرقمية:
   يجب تعديل القوانين الخاصة بحماية الخصوصية لتشمل الأصول الرقمية، بحيث يُمنع أي طرف من استخدام معلومات المتوفى الرقمية دون إذن رسمي من الورثة.
6. مسؤولية الجرائم الرقمية:
   يجب فرض المسؤولية الجنائية على الأفراد الذين يقومون بتقديم معلومات خاطئة أو مزورة للحصول على أصول رقمية غير مملوكة لهم.
7. **تجريم نشر المحتوى الرقمي للمتوفى دون إذن:**
   يجب تجريم نشر أو مشاركة المحتوى الرقمي الخاص بالمتوفى دون إذن قانوني، سواء كان ذلك على منصات التواصل الاجتماعي أو أي مواقع رقمية أخرى.
8. تعزيز قوانين الفساد الإلكتروني:
   على المشرع المصري تعزيز قوانين الفساد الإلكتروني بخصوص التلاعب بالبيانات الرقمية للمتوفى، ووضع آليات فعالة لمحاكمة الجناة.
9. جرائم الاستيلاء على الأصول الرقمية:
   يُوصى بتجريم الاستيلاء على الحسابات الرقمية والأصول الإلكترونية الخاصة بالمتوفى من قبل أشخاص غير مخولين بذلك، وتغليظ العقوبات في هذا السياق.
10. تحديد عقوبات للتهديد بمحتوى رقمي حساس:
   يجب وضع عقوبات مشددة ضد أي تهديد بالكشف عن محتوى رقمي حساس كان للمتوفى أن يمس حياته الخاصة أو سمعة الآخرين.
11. إنشاء وحدة خاصة للتحقيق في الجرائم الرقمية:
   يجب أن يُنشأ جهاز قانوني خاص يعنى بالتحقيق في الجرائم المتعلقة بالميراث الرقمي لملاحقة الجرائم الإلكترونية التي تتعلق بتوريث الأصول الرقمية.
12. قانون التصرف في الحسابات الرقمية بعد الوفاة:
   يجب تشريع قانون ينظم كيفية تصرف الورثة في الحسابات الرقمية بعد الوفاة، ويحدد من له الحق في اتخاذ قرارات بشأنها، وكذلك الإجراءات القانونية لإلغاء أو الحفاظ على الحسابات.
13. ملاحقة الجرائم العابرة للحدود:
   نظرًا للطبيعة العابرة للحدود للمعلومات الرقمية، يجب تكثيف التعاون الدولي لملاحقة الجرائم المتعلقة بالميراث الرقمي عبر الحدود، وفرض عقوبات على المخالفين.
14. التحقيق في السرقات الرقمية:
   يجب تضمين السرقات الرقمية للميراث ضمن فصول الجرائم الإلكترونية في قانون العقوبات، مع توفير آليات تحقيق متخصصة في السرقات المتعلقة بالأصول الرقمية.
15.الجرائم المتعلقة بالتصرف غير القانوني في البيانات الرقمية:
   يجب توسيع نطاق القوانين الجنائية لتشمل الجرائم المتعلقة بالتصرف غير القانوني في البيانات الرقمية المملوكة للمتوفى، مثل التلاعب أو الاستخدام غير المصرح به لهذه البيانات لتحقيق مكاسب.

 توصية بمشروع قانون حماية الميراث الرقمي

مقدمة مشروع القانون
في ظل الانتشار الواسع للتكنولوجيا الرقمية، أصبح من الضروري إعادة النظر في كيفية التعامل مع أصول الشخص الرقمية بعد وفاته، التي تشمل الحسابات الإلكترونية، الوثائق الرقمية، العملات المشفرة، وملفات الوسائط الاجتماعية. هذه الأصول لا تقتصر فقط على أشياء عابرة، بل تمثل جزءاً مهماً من الحياة الشخصية والمالية للفرد. لذلك، يعد مشروع قانون حماية الميراث الرقمي خطوة حيوية نحو تنظيم التعامل مع الأصول الرقمية في حالات الوفاة، بما يضمن الحقوق الشرعية للورثة ويحمي الأفراد من استغلال أصولهم الرقمية.
أولاً: تعريف الميراث الرقمي
المادة 1:  
يُعرّف الميراث الرقمي بأنه مجموع الأصول الرقمية التي يتركها المتوفى، والتي تشمل الحسابات الإلكترونية على منصات التواصل الاجتماعي، البريد الإلكتروني، الملفات المخزنة على الإنترنت، العملات الرقمية، والنقود الرقمية.
التفسير:
الميراث الرقمي هو جزء لا يتجزأ من التركة المادية والمعنوية للأفراد. ويشمل جميع المعلومات والحقوق التي تمتلكها الشخصية الرقمية للفرد والتي يمكن أن تحمل قيمة مالية أو شخصية.
 ثانياً: حقوق الورثة في الميراث الرقمي
المادة 2:
يحق للورثة الوصول إلى الأصول الرقمية للمتوفى بعد تقديم شهادة الوفاة وتحديد وصي قانوني أو من يحق له إدارة التركة الرقمية.
المادة 3:
يحق للورثة توزيع الأصول الرقمية للمتوفى بناءً على وصيته أو حسب الأحكام الشرعية أو القانونية في حالة عدم وجود وصية.
التفسير: 
الورثة يجب أن يتمتعوا بحقوق قانونية للوصول إلى الحسابات الرقمية، والتحكم فيها بعد الوفاة، بما يشمل الحسابات البنكية الإلكترونية، والبريد الإلكتروني، والحسابات على منصات التواصل الاجتماعي. حقوق الورثة تختلف بحسب وجود وصية مكتوبة أو قوانين التوريث.
ثالثاً: التوثيق الرقمي للتركة
المادة 4:
على الشخص الذي يملك أصولاً رقمية تنظيم وصية رقمية تحتوي على تعليمات واضحة حول كيفية التعامل مع أصوله الرقمية بعد وفاته. على أن تكون هذه الوصية مسجلة لدى الجهات المختصة.
التفسير: 
من المهم أن يقوم الأفراد بإعداد وصايا رقمية، تحديداً في عصر يعتمِد فيه الكثير من الأفراد على التقنيات الرقمية في حياتهم الشخصية والمهنية. الوصية الرقمية ستساعد الورثة على التعامل مع الأصول الرقمية بوضوح ودقة.

 رابعاً: الحماية القانونية للأصول الرقمية

المادة 5:
يجب على مزودي الخدمة الرقمية توفير آلية قانونية للورثة للوصول إلى الحسابات الرقمية بعد تقديم الوثائق المطلوبة، مثل شهادة الوفاة أو الوصية.
المادة 6: 
يحظر أي شخص أو جهة القيام بالوصول غير المشروع إلى الأصول الرقمية للمتوفى أو استغلالها بعد وفاته، ويُعاقب القانون المخالفين بأحكام صارمة.
التفسير:
الحماية القانونية لهذه الأصول تضمن ألا يتم التلاعب أو الاستيلاء على الحسابات الرقمية للمتوفى، ما يهدد الخصوصية والحقوق المالية للورثة.

خامساً: العقوبات الجنائية

المادة 7:  
يعاقب كل من يتلاعب أو يحاول سرقة الأصول الرقمية للمتوفى بالسجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات، وغرامة لا تزيد عن 100,000 جنيه.
المادة 8: 
أي شخص يتسبب في تسريب البيانات الرقمية الخاصة بالمتوفى إلى أطراف ثالثة يُعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين ثلاث إلى خمس سنوات، بالإضافة إلى غرامة مالية.
التفسير:
العقوبات الجنائية تشكل رادعًا ضد الجرائم الرقمية المرتبطة بالميراث الرقمي. يجب أن يكون هناك حوافز قانونية لضمان حماية الأصول الرقمية للمتوفين.

سادساً: التعاون مع مزودي الخدمة الرقمية

المادة 9:
يجب على الشركات المقدمة للخدمات الرقمية وضع سياسات وقوانين واضحة تضمن التعاون مع الورثة بعد الوفاة، بما في ذلك توفير إجراءات للوصول إلى الحسابات الرقمية
التفسير:
يتعين على مزودي الخدمة الرقميّة تطوير آليات قانونية تتيح للورثة إمكانية الوصول إلى الحسابات بعد الوفاة بشكل سلس وآمن، وذلك ضمن إطار قانوني يحترم حقوق الأفراد.

الفلسفة الأساسية للمشروع:

– **تأصيل الحقوق الرقمية:** يهدف المشروع إلى التأكيد على أن الأصول الرقمية ليست مجرد بيانات إلكترونية، بل هي جزء من ممتلكات الفرد يجب أن تخضع لأحكام قانونية مشابهة للأصول المادية.
– **حماية حقوق الورثة:** لا يقتصر الهدف على تنظيم وصول الورثة إلى الحسابات الرقمية، بل يتضمن ضمان حماية الحقوق المالية والشخصية المتعلقة بتلك الأصول.
– **التعامل مع التحديات التكنولوجية:** يراعي المشروع التحديات القانونية في عصر المعلومات الرقمية، ويضع إطارًا تشريعيًا لضمان تكامل الميراث الرقمي مع القوانين المدنية والجنائية.

 أهمية المشروع:

1.حماية الحقوق الشخصية: يضمن المشروع حقوق الأفراد في التحكم في أصولهم الرقمية بعد وفاتهم، مع حماية خصوصيتهم من الاستغلال غير المشروع.
2. تنظيم التركة الرقمية: يسهم المشروع في تحسين تنظيم التركات الرقمية، وضمان عدم التفريط أو الضياع في ظل عدم وجود قوانين واضحة.
3. ردع الجرائم الرقمية: يعزز المشروع من مكافحة الجرائم المتعلقة بالاستيلاء على الأصول الرقمية أو تلاعب الورثة بهذه الأصول.
4. تنظيم العلاقة بين الأفراد ومزودي الخدمة الرقمية:يحدد العلاقة القانونية بين الأفراد والشركات المزودة للخدمات الرقمية بعد الوفاة، بما يعزز من الشفافية ويحمي حقوق الورثة.
5. التأقلم مع التحولات الرقمية: يواكب المشروع التطورات التكنولوجية الحديثة ويعكس ضرورة وجود نظام قانوني مرن يضمن حقوق الأفراد في العصر الرقمي.
إن مشروع قانون حماية الميراث الرقمي يُعتبر خطوة هامة نحو تطوير المنظومة القانونية في مصر لتواكب العصر الرقمي. من خلال وضع إطار قانوني شامل للأصول الرقمية، سواء في الجانب المدني أو الجنائي، يمكن ضمان أن الحقوق الشرعية للورثة تحترم بشكل كامل، مع حماية خصوصية الأفراد من الانتهاك أو الاستغلال. هذا المشروع ليس فقط مجرد تنظيم للأصول الرقمية، بل هو خطوة نحو تحقيق العدالة في تركة الأفراد وحماية المصالح الشخصية في العصر الرقمي.
إن حماية الميراث الرقمي تتطلب تدخلاً تشريعيًا دقيقًا من المشرع المصري، مع تنظيم شامل للميراث الرقمي من كافة الجوانب المدنية والجنائية. هذه التوصيات تضع الأسس اللازمة لتأمين الحقوق الرقمية للأفراد وضمان معاملة عادلة للورثة، فضلًا عن تعزيز حماية الخصوصية ومكافحة الجرائم الرقمية المتعلقة بالميراث.
يُعدُّ الميراث الرقمي مجالًا قانونيًا حديثًا يتطلب اهتمامًا خاصًا لضمان حقوق الأفراد وحماية خصوصيتهم في العصر الرقمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى