آراء حرة

هل الصين تملك اليد العليا في حرب ترامب التجارية؟ تحليل استراتيجي يظهر تفوق بكين

حرب ترامب التجارية

المقدمة التمهيدية: مع تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، يبدو أن بكين باتت تمسك بزمام المبادرة أكثر من أي وقت مضى، مستفيدة من تحولات اقتصادية وهيكلية عالمية. الباحث “لينغونغ كونغ” يرى أن الصين، بعكس ما يظنه البعض، قد تملك بالفعل أوراقًا رابحة في وجه السياسات الحمائية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.


أولاً: تصعيد غير متكافئ – رأي الكاتب

أشار “لينغونغ كونغ” إلى أن الرئيس ترامب، رغم تراجعه عن تطبيق رسوم جمركية شاملة على شركاء الولايات المتحدة التجاريين، استثنى الصين من هذا القرار، فرفع التعريفات الجمركية على بعض وارداتها إلى 145%. وبرغم أن واشنطن بررت هذه الخطوة بسلوكيات بكين “غير المنضبطة”، إلا أن “كونغ” يرى أن السبب الحقيقي يكمن في استياء أمريكي من صمود الصين وتحديها العلني لهذه السياسات.

حرب ترامب التجارية
حرب ترامب التجارية

ثانياً: حسابات بكين الجديدة

أوضح “كونغ” أن بكين لم تعد ترى في السوق الأمريكي المحور الأساسي لصادراتها. ففي عام 2018 كانت الصادرات الموجهة للولايات المتحدة تمثل 19.8% من إجمالي صادرات الصين، بينما انخفضت هذه النسبة إلى 12.8% في عام 2023. ويعتقد الكاتب أن هذا الانخفاض يعكس استراتيجية صينية واضحة لتعزيز الطلب المحلي وتقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية.

كما أشار إلى أن التباطؤ في الاقتصاد الصيني، رغم ما يبدو من هشاشة، زاد من مرونته وقدرته على التكيف مع الصدمات، وهو ما يجعل تأثير الرسوم الأمريكية أقل فتكًا مما كان عليه في الجولة الأولى من الحرب التجارية في عهد ترامب السابق.

ثالثاً: أدوات الردع بيد بكين – تحليل الكاتب

بحسب “كونغ”، فإن الصين تمتلك أدوات قوية يمكنها استخدامها للرد، أبرزها سيطرتها شبه الكاملة على سلسلة توريد المعادن النادرة التي تعتمد عليها الصناعات العسكرية والتقنية الأمريكية. كما بيّن أن بكين بدأت فعليًا في استهداف شركات أمريكية بالتضييق التنظيمي وفرض القيود التصديرية، وخاصة في مجالات الزراعة والتكنولوجيا.

رابعاً: التأثير على الحلفاء والأسواق

يرى “كونغ” أن ترامب، من خلال تعميم التعريفات على دول عدة، منح الصين فرصة ذهبية لتوسيع نفوذها الإقليمي والدولي. حيث بدأت بكين تتحرك لعقد تحالفات اقتصادية جديدة في شرق آسيا ومع الاتحاد الأوروبي، ما قد يزعزع مكانة الولايات المتحدة كقوة اقتصادية مهيمنة.

كما أشار إلى تحركات دبلوماسية صينية نشطة تجاه فيتنام، وماليزيا، وكمبوديا، وهي دول أُدرجت على قائمة تعريفات ترامب. بل إن “كونغ” يعتبر أن هذه الحرب التجارية قد تكون الشرارة التي تدفع النظام الاقتصادي العالمي نحو تحالفات جديدة تتجاوز الدور التقليدي للولايات المتحدة.

خامساً: الدولار في مهب الريح

بيّن “كونغ” أن الحرب التجارية الحالية قد أثرت على مكانة الدولار كملاذ آمن. حيث بدأت الثقة في السندات الأمريكية بالتراجع، بالتزامن مع انخفاض ملحوظ في قيمة الدولار، ما يهدد بتقويض مكانته العالمية على المدى الطويل.


قسم تعليمي: ما هي الحرب التجارية؟ وكيف تُدار؟

تعريف مبسط: الحرب التجارية هي صراع اقتصادي ينشأ بين دولتين أو أكثر من خلال فرض رسوم جمركية أو حواجز تجارية على سلع بعضهما البعض، بهدف حماية الصناعات المحلية أو الضغط السياسي.

أمثلة واقعية:

  • الولايات المتحدة فرضت تعريفات على الصلب والألومنيوم المستورد من الصين.

  • ردت الصين بزيادة الضرائب على المنتجات الزراعية الأمريكية مثل الصويا.

كيف تُدار؟ يُدار هذا النوع من الصراع من خلال:

  1. القرارات التنفيذية من قِبل قادة الدول.

  2. التصعيد التدريجي في فرض الرسوم.

  3. استخدام الإعلام والدبلوماسية لإظهار الموقف داخليًا وخارجيًا.

آثاره:

  • ارتفاع الأسعار محليًا.

  • تضرر قطاعات صناعية أو زراعية محددة.

  • إعادة تشكيل سلاسل التوريد العالمية.

رؤية مستقبلية: مع تحول الاقتصاد العالمي نحو التعددية، قد تصبح الحروب التجارية أقل فعالية وأكثر ضررًا للدولة التي تطلقها.


التوصيات والنصائح:

  1. للمستثمرين: راقبوا عن كثب تحركات الأسواق الآسيوية، فقد تشكل ملاذًا بديلاً في حال استمرار التوترات.

  2. للحكومات: إعادة النظر في السياسات الحمائية لتجنب العزلة التجارية.

  3. للشركات العالمية: تنويع سلاسل التوريد لتقليل الاعتماد على مصادر محددة.

  4. للمستهلكين: الاستعداد لتقلبات الأسعار وخاصة في المنتجات المستوردة.

  5. لصناع القرار: التواصل مع الحلفاء لتشكيل جبهة اقتصادية موحدة أكثر مرونة واستدامة.


التوقعات المستقبلية:

يتوقع “كونغ” أن تتجه الصين إلى مزيد من تعزيز تحالفاتها الإقليمية والعالمية، مما قد يؤدي إلى تراجع النفوذ الاقتصادي الأمريكي. كما يُحتمل أن يؤدي استمرار هذه الحرب إلى تسريع الانتقال نحو نظام تجاري متعدد الأقطاب، تنخفض فيه مكانة الدولار، وتتراجع الهيمنة الاقتصادية للولايات المتحدة.


شرح المصطلحات:

  • الحرب التجارية: صراع اقتصادي بين دول يستخدم أدوات غير عسكرية كالتعريفات الجمركية والعقوبات التجارية.

  • التعريفات الجمركية: ضرائب تفرضها الدولة على السلع المستوردة.

  • المعادن النادرة: مجموعة من المعادن تُستخدم في صناعات متقدمة مثل الإلكترونيات والدفاع.

  • الاعتماد التجاري: مدى ارتباط دولة باقتصاد دولة أخرى عبر الصادرات والواردات.

  • التباطؤ الاقتصادي: انخفاض معدل النمو الاقتصادي لفترة ممتدة.


الأسئلة الشائعة:

1. ما سبب التصعيد الأخير في الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة؟
رأى “كونغ” أن السبب يعود إلى محاولة ترامب الضغط على بكين سياسيًا واقتصاديًا، واستغلال الحرب لزيادة شعبيته داخليًا.

2. هل يمكن للصين الاستغناء عن السوق الأمريكي بالكامل؟
أشار الكاتب إلى أن الصين تسعى لتقليل الاعتماد، لكنها لا تزال بحاجة إلى السوق الأمريكي، خصوصًا في قطاعات التقنية الفائقة.

3. ما تأثير هذه الحرب على المستهلك الأمريكي؟
توقع “كونغ” ارتفاع الأسعار، خصوصًا في المنتجات اليومية المستوردة من الصين، مما قد يضغط على الأسر ذات الدخل المتوسط والمنخفض.

4. هل يمكن للاتحاد الأوروبي الاستفادة من هذا النزاع؟
نعم، فقد يملأ فراغًا تجاريًا تركته الولايات المتحدة، مما يمنحه نفوذًا اقتصاديًا جديدًا.

5. هل هذه الحرب ستنتهي قريبًا؟
يرى “كونغ” أن الحرب مرشحة للاستمرار على المدى المتوسط، لكن تفاوضًا جديدًا قد يبدأ إذا تغيرت الموازين السياسية في واشنطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى