علم النفس المالي

متلازمة تأثير الإطار: كيفية تأثير طريقة عرض المعلومات على القرارات المالية

ما هي متلازمة تأثير الإطار؟

متلازمة تأثير الإطار، أو ما يُعرف باللغة الإنجليزية بـ “Framing Effect”، تشير إلى الظاهرة النفسية التي تؤثر فيها الطريقة التي تُعرض بها المعلومات على شكل القرارات والأحكام التي يتخذها الأفراد. بدلاً من تأثر الأفراد بالمعلومات ذاتها، يتأثرون بالشكل الذي تُقدم به هذه المعلومات. وقد أظهرت العديد من الدراسات أن تباين صيغ العرض يمكن أن يؤدي إلى تغيير كبير في النتائج، حتى عندما تبقى المعلومات الجوهرية ثابتة.

على سبيل المثال، إذا تم تقديم خيار استثماري على أنه يحقق ربحًا بنسبة 90%، فقد يراه الأفراد كفرصة جيدة، بينما إذا تم التعبير عنه بأنه يُحتمل أن يخسر 10% من قيمته، فإن نفس الاحتمالية يمكن أن تُعتبر مكالمة غير مجدية. هذه التباينات في السرد تؤثر على المشاعر والعواطف، مما يدفع الناس في كثير من الأحيان لاتخاذ قرارات غير عقلانية.

في المجال المالي، يظهر تأثير الإطار بشكل واضح في كيفية تقديم المعلومات عن المنتجات المالية، مثل البطاقات الائتمانية والقروض. عندما تُعرض معلومات السداد كوهلة “بمعدل فائدة سنوي منخفض”، يشعر الأفراد بالراحة، بينما إذا تم عرضها كنسبة مئوية عالية من المدفوعات، فقد يتخذ الأفراد موقفًا سلبيًا تجاه نفس العرض. لذلك، يجب على الأفراد أن يكونوا واعين لطرق عرض المعلومات وأن يحاولوا تحليل الخيارات بناءً على الحقائق بدلاً من مشاعرهم الناجمة عن كيفية تقديم تلك المعلومات. ففهم تأثير الإطار يساعد في اتخاذ قرارات مالية أكثر وعيًا وإيجابية.

آلية تأثير الإطار في صنع القرار المالي

تعتبر طريقة عرض المعلومات عاملًا حاسمًا في تشكيل القرارات المالية، وهو ما يعرف بتأثير الإطار. يُظهر هذا التأثير كيفية تأثير الإطار النظري على تقييم الأفراد للمخاطر والعوائد. عند مواجهة معلومات مالية، قد يتغير قرار الأفراد بناءً على كيفية تقديم وإطار هذه المعلومات. على سبيل المثال، قد يُفضل المستثمرون عرضًا يبرز الربحية المحتملة أكثر من الخسائر المحتملة، حتى لو كان المعطى الأساسي واحدًا. هذا التغيير في الفهم يمكن أن يؤدي إلى اختيارات مالية غير موضوعية، حيث يتحكم الإطار في كيفية إدراكهم للمعلومات.

تحقق الآلية الأساسية لتأثير الإطار من خلال النزعات النفسية، حيث يُسهل على الأفراد تقييم الخيارات بناءً على التجارب السابقة والتصورات الاجتماعية. يستخدم الناس عادةً معايير اجتماعية لتحديد قراراتهم، وهذا يمكن أن يتضمن تأثير الآراء الموجودة حول استثمار معين أو خيار مالي محدد. على سبيل المثال، إذا كان يُنظر إلى استثمار معين على أنه فكرة جيدة في سياق اجتماعي معين، فقد يؤثر هذا بشكل كبير على خيارات الأفراد، حتى لو كانت الحقائق تشير إلى عكس ذلك.

بالتالي، فإن تأثير الإطار يمكن أن يؤدي إلى اتخاذ قرارات مالية غير عقلانية، خاصة عند عدم تناول الموضوعات من زوايا متعددة. يمكن أن يكون لهذا التأثير عواقب وخيمة، مثل فقدان الأموال أو اتخاذ خيارات استثمار غير مدروسة. لذلك، من الأهمية بمكان الاستجابة بعقلانية للاختيارات المالية، مع الأخذ في الاعتبار التأثيرات المحتملة لإطار تقديم المعلومات.

أمثلة على تأثير الإطار في القرارات المالية

تعد متلازمة تأثير الإطار واحدة من المفاهيم النفسية التي يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على قرارات الأفراد في مجال المال والاستثمار. من خلال تحليل بعض الحالات العملية، يمكن أن نفهم بشكل أفضل كيفية تأثير العرض والإطار الإعلامي على الاختيارات المالية. على سبيل المثال، عندما يتعلق الأمر بتحديد استثمارات، قد يقدم وسيط مالي عرضين: الأول يتضمن تحقيق عائد بنسبة 10% على الاستثمار، بينما الثاني يقدم نسبة مئوية تعكس خسارة 90% إذا لم يتم تحقيق العائد المتوقع. بالرغم من أن كلا العرضين يتعلقان بنفس النتائج، إلا أن الإطار الذي يتم تقديم المعلومات به يمكن أن يؤثر على موقف المستثمرين تجاه الاستثمار.

عند النظر إلى خيارات التأمين، نجد أن هناك أيضاً تأثيراً بالغاً للإطار. إذا تم تقديم بوليصة تأمين على أنها تقدم الحماية ضد خسائر بنسبة 80%، فسيكون الأفراد أكثر ميلاً لاختيارها مقارنة بعرض نفس البوليصة كمنتج يواجه فيه العميل احتمال فقدان 20%. لذا، فإن الكلمات والتعبيرات المستخدمة تلعب دوراً حاسماً في اتخاذ القرار.

عند التفكير في شراء العقارات، يظهر تأثير الإطار في كيفية تسويق العقار. على سبيل المثال، قد يتم وصف العقار بأنه “منزل كبير وحديث بمساحة 200 متر مربع” بدلاً من مجرد “منزل بمساحة 200 متر مربع”. هذه الطريقة في العرض يمكن أن تخلق انطباعاً إيجابياً ويدفع المشترين لاتخاذ قرار الشراء بشكل أسرع. بالتالي، يتضح أن طريقة عرض المعلومات تظل عاملاً رئيسياً في تشكيل ردود الأفعال والاختيارات المالية للأفراد، مما يؤكد ضرورتها في التقييم والسياق المالي.

كيفية تجنب تأثير الإطار في القرارات المالية

تجنب تأثير الإطار في القرارات المالية يتطلب اتباع استراتيجيات محددة تعزز من التفكير النقدي والقدرة على التحليل الموضوعي. أول خطوة للمساهمة في اتخاذ قرارات مالية مدروسة هي تعزيز قدرتك على التفكير النقدي. ينبغي على الأفراد أن يتعلموا كيفية تقييم المعلومات والمصادر التي يعتمدون عليها بدقة. يمكن لأسئلة مثل: “ما مدى موثوقية هذه المعلومات؟” و”هل توجد وجهات نظر أخرى؟” أن تسهل على الشخص تحليل المواقف المختلفة.

هناك أيضاً أهمية كبيرة للبحث عن تنوع في مصادر المعلومات. يعتمد الكثير من الأشخاص على مصدر واحد أو اثنين من المعلومات المالية، وهو ما قد يعرّضهم لتأثير الإطار السلبي. بدلاً من ذلك، ينبغي أن يسعى الأفراد لجمع المعلومات من مصادر متعددة ومتنوعة، بما في ذلك الأخبار المالية، المدونات المتخصصة، والمقابلات مع الخبراء. هذا التنوع سيساعد في تقديم نظرة شاملة ويساهم في تقليل المخاطر المرتبطة بالمعلومات المنحازة.

إضافةً إلى ذلك، يجب على الأفراد مراعاة كيفية تقديم المعلومات لأن أنفسهم يمكن أن يتأثروا بالطريقة التي يتم بها عرض الخيارات المالية. قد يُكتفى بعرض الحقائق فقط، من دون مؤثرات صوتية أو بصرية ملونة، حتى يبقى التوجه محايداً. الاستناد إلى الأرقام والحقائق، بدلاً من العواطف، يمكن أن يسهم بشكل كبير في اتخاذ قرارات مالية مدروسة.

بتطبيق هذه الاستراتيجيات، يمكن تقليل تأثير الإطار المتمثل في الشكل الذي تُعرض به المعلومات، مما يمكن الأفراد من اتخاذ قرارات مالية أكثر عقلانية وموضوعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لاستكمال رحلتك في محتوانا لابد من إيقاف حاجب الإعلانات