آراء حرة

هارفارد في مواجهة البيت الأبيض: حين تصبح الجامعات هدفًا لصراعات سياسية كبرى

توماس جيفت: هجوم ترامب على هارفارد ليس معزولًا بل خطوة ضمن خطة أوسع للهيمنة على مؤسسات التعليم العالي

هارفارد في مواجهة البيت الأبيض

في خطوة فاجأت الوسط الأكاديمي والسياسي على حد سواء، دخلت جامعة هارفارد في مواجهة قانونية مباشرة مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وذلك بعد تلقيها تهديدات بقطع التمويل الفيدرالي وسحب الامتيازات الضريبية وحرمانها من استقطاب الطلاب الدوليين. الباحث “توماس جيفت” يرى في هذه الخطوة أنها ليست مجرد خلاف إداري، بل تعكس تحوّلاً استراتيجيًا خطيرًا في العلاقة بين السلطة التنفيذية ومؤسسات التعليم العالي.


أولاً: ضغوط غير مسبوقة على هارفارد – كما يراها توماس جيفت

قال توماس جيفت إن الرسالة التي أُرسلت من البيت الأبيض إلى هارفارد لم تكن طلبًا بل أشبه بـ”مذكرة ابتزاز سياسي”، تضمنت مطالب تتعلق بإصلاحات في الحوكمة الداخلية، وتضييق على مبادرات التنوع والعدالة، بالإضافة إلى فحص خلفيات الطلاب الدوليين بشكل أيديولوجي. وأضاف جيفت أن تجاهل البيت الأبيض للطابع المستقل للجامعات يشير إلى تحول نحو تسييس التعليم العالي.


ثانيًا: “سوء تفاهم”… أم تكتيك متعمد؟

علق جيفت على تراجع الإدارة الأمريكية عن محتوى الرسالة، واصفةً إياها بـ”الخطأ غير المقصود”، موضحًا أن تبرير الخطأ لم يكن مقنعًا في ظل توقيع ثلاثة مسؤولين فدراليين عليها. وأضاف أن تحميل هارفارد مسؤولية التصعيد يكشف عن رغبة في تأطير الجامعة كضحية تدّعي الاضطهاد، وهو ما يتماشى مع خطاب “ترامبوية” معادٍ للنخبوية الأكاديمية.


ثالثًا: المؤسسات الأكاديمية في مرمى النيران – وفق تحليل توماس جيفت

أوضح جيفت أن هارفارد ليست الوحيدة تحت الضغط؛ فهناك أكثر من 40 جامعة أمريكية تواجه حالياً تحقيقات حكومية بتهم تتراوح بين تجاوزات في مكاتب التنوع ومزاعم معاداة السامية. وأشار إلى أن جامعات كولومبيا وجونز هوبكنز اضطرت إلى الرضوخ مقابل استعادة التمويل، ما يثير تساؤلات حول مستقبل استقلال الجامعات في الولايات المتحدة.


رابعًا: جامعة هارفارد تقاضي الحكومة – والنتائج قد تكون فاصلة

أكد جيفت أن إعلان هارفارد مقاضاة الإدارة الأمريكية هو تطور غير مسبوق، إذ يأتي في ظل تهديدات تؤثر على مليارات الدولارات من التمويل، رغم أن الجامعة تملك صندوقًا استثماريًا ضخمًا يُقدّر بـ50 مليار دولار. وبرأي جيفت، فإن هذا التحرك ليس فقط دفاعًا عن التمويل بل عن مبدأ استقلال المؤسسة الأكاديمية عن التوجيه السياسي.


خامسًا: مشروع ترامب لإعادة صياغة التعليم العالي – كما يفسّره توماس جيفت

يعتقد جيفت أن ترامب لا يستهدف هارفارد فقط، بل يضع استراتيجية لإعادة تشكيل الجامعات على أسس أيديولوجية محافظة، عبر شيطنة المؤسسات التي تُعتبر ليبرالية أو بعيدة عن هوى القاعدة الجمهورية. ولفت إلى أن تصريحات ترامب حول “خنق الأموال عن الجامعات الماركسية” تعبّر عن نزعة للهيمنة لا تختلف عن أساليب الأنظمة السلطوية.


سادسًا: السياق السياسي – الثقة المتراجعة في التعليم العالي

أشار توماس جيفت إلى تراجع الثقة الأمريكية في التعليم العالي منذ عام 2015، حيث انخفضت نسبة الجمهوريين الذين يثقون بالجامعات من 56% إلى 20% فقط. واعتبر أن هذا التآكل في الثقة مهّد الطريق لتصعيد الخطاب المعادي للجامعات من قبل ترامب ومعاونيه.


قسم تعليمي: كيف يُموَّل التعليم العالي في الولايات المتحدة؟

أولًا: مصادر تمويل الجامعات الأمريكية

  1. التمويل الفيدرالي: يشمل المنح البحثية وبرامج دعم الطلاب.

  2. الرسوم الدراسية: من الطلاب المحليين والدوليين.

  3. التبرعات والهبات: وخاصة من خريجي الجامعات.

  4. صناديق الاستثمار: كما هو الحال في هارفارد (50 مليار دولار).

ثانيًا: ما الفرق بين الجامعات العامة والخاصة؟

  • الجامعات العامة: تتلقى دعمًا مباشرًا من حكومات الولايات.

  • الجامعات الخاصة: تعتمد بشكل كبير على التمويل الذاتي والمنح.

ثالثًا: هل يمكن للحكومة التأثير على جامعات خاصة؟

نعم، عبر أدوات غير مباشرة مثل الامتيازات الضريبية أو التمويل الفيدرالي، ما يمنحها نفوذًا رغم الاستقلال النظري لهذه المؤسسات.


التوقعات المستقبلية:

يتوقع توماس جيفت أن تتوسع المعركة القانونية بين الجامعات والبيت الأبيض لتشمل جامعات أخرى، وقد تُغيّر نتائجها طبيعة العلاقة بين الحكومة والتعليم العالي لعقود. كما يرى أن هذا الصراع قد يعزز الانقسام السياسي بشأن دور الجامعات في المجتمع الأمريكي.


التوصيات والنصائح:

  1. للجامعات: تعزيز الشفافية في الحوكمة الداخلية لتفادي التسييس.

  2. لطلاب الجامعات: فهم حقوقهم وواجباتهم في ظل التغيرات السياسية.

  3. لصناع السياسات: احترام استقلال المؤسسات الأكاديمية كركيزة للديمقراطية.

  4. للإعلام: تسليط الضوء على خطورة التدخل السياسي في التعليم.

  5. للمواطنين: دعم التعليم كقيمة وطنية غير قابلة للمزايدة الحزبية.

هارفارد في مواجهة البيت الأبيض
هارفارد في مواجهة البيت الأبيض

شرح المصطلحات المعقدة:

  • DEI (التنوع والعدالة والاندماج): سياسات تهدف إلى تعزيز التعددية الثقافية داخل المؤسسات.

  • الامتيازات الضريبية: إعفاءات تُمنح للمؤسسات غير الربحية مثل الجامعات.

  • المساعدات الفيدرالية: تمويل حكومي تقدمه واشنطن للمؤسسات التعليمية.

  • الاستقلال الأكاديمي: حرية الجامعات في تحديد سياساتها التعليمية والبحثية دون تدخل حكومي.


الأسئلة الشائعة:

1. لماذا تقاضي هارفارد البيت الأبيض؟
لأنها تلقت تهديدًا بقطع التمويل الفيدرالي بناءً على مطالب سياسية تتعارض مع استقلالها الأكاديمي.

2. ما تأثير هذه الأزمة على الجامعات الأخرى؟
ستشعر الجامعات بالضغط، وقد تضطر لتقديم تنازلات للحفاظ على التمويل.

3. هل يستطيع ترامب قانونيًا سحب التمويل؟
جزئيًا، نعم، لكن قرارات كهذه تواجه تحديات قانونية كما في حالة هارفارد.

4. كيف ستؤثر هذه الخطوة على الطلاب الدوليين؟
قد تؤدي إلى تقييد دخولهم أو تقليل فرص تمويلهم، خاصة في الجامعات المستهدفة.

5. ما العلاقة بين التعليم العالي والسياسة في أمريكا؟
عميقة ومتصاعدة، إذ باتت الجامعات ساحات صراع أيديولوجي بين التيارين الليبرالي والمحافظ.

توماس جيفت
أستاذ مشارك ومدير مركز السياسات الأمريكية بجامعة كلية لندن (UCL)

بيان الإفصاح:
يُدرّس توماس جيفت دورة سنوية في البرنامج الصيفي بجامعة هارفارد، وقد عمل بدوام كامل في كلية كينيدي بجامعة هارفارد خلال عامي 2015-2016.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى